الأحد، 10 فبراير 2013

مدينه نيــالا

نِيَالا مدينة تقع في الجزء الغربي من السودان، على ارتفاع 673 متر (2,208 قدم) فوق سطح البحر، جنوب هضبة جبل مرة على بعد 900 كيلومتر تقريباً من الخرطوم. وتتقاطع فيها الطرق من شرق السودان إلى غربه ومن الجنوب إلى الشمال وينتهي عندها خط السكك الحديدية من جهة الشرق ليبدء منها الخط المتجه نحو مدينة واو في جنوب السودان، وهي مركز رئيسي لتجارة الصمغ العربي. وقد انعكس تمازج موقعها الجغرافي هذا ومواردها الطبيعية في النسيج الاجتماعي، حيث تضم معظم قبائل دارفور وفي مقدمتهم قبائل البقارة الذين يشكلون غالبية سكانها. ونيالا هي عاصمة ولاية جنوب دارفور.

اصل التسميه

نيالا(بكسر النون) لفظ بلغة قبيلة (الداجو) التي تقطن المنطقة، ويُنطق أصلا "نّا-لا" Ña-la النون فيه معَطَشة كالنون الإيطالية في لفظ" سنيور" signore - السيد - أو حرف (ኛ)، نيّا بالأمهرية. واللفظ نيالا يعني بلغة الداجو مكان الأنس أو المسرح، مما يرجح بأن الموقع الذي اقيمت فيه نواة المدينة كان مسرحا على الهواء الطلق open air theatre لألعاب موسمية كبيرة كالمصارعة أو الرقص وقرع الطبول كالنقارة، وهي من أبرز النشاط الفولكلوري الذي تشتهر به المنطقة منذ وقت طويل. ويحلو لسكان المدينة أن يطلقوا عليها اسم نيالا البحير.

التاريخ

برزت نيالا في القرن الخامس عشر كمقر لحكم مملكة الداجو ، التي تأسست في المنطقة المحيطة بجبل أم كردوس بغرب السودان حتى سقوط الحكم بنهاية القرن الخامس عشر الميلادي. ومن حكامها السلطان فاروق كاسي.
ويرجع تاريخ نيالا كمدينة إلى عام 1929 م، عندما اختيرت إبان الحكم الثنائي لتكون مركزا إدارياً لمجلس ريفي غرب البقارة وذلك بعد سقوط سلطنة الفور عام 1917 م، وخضوعها للإدارة البريطانية. ووفقا لبعض الروايات فإن قائد القوات البريطانية آنذاك التقى بالسلطان سليمان آدم ليستشيره حول أفضل الأماكن في دار فور من حيث توافر مصادر المياه وتضاريس الأرض لأقامة مقر الإدارة البريطانية في دارفور، فأشار إليه السلطان بنيالا كمكان تتوافر فيه تلك المقومات، وعمل الإنجليز بتلك النصيحة فأصبحت نيالا عاصمة إقليمية. وبعد تقسيم دارفور إلى إقليمين اختيرت نيالا عاصمة لإقليم جنوب دارفور وهوالمركز الإداري نفسه الذي أخذته كعاصمة لولاية جنوب دارفور.

طوبغرافيا المدينه

 تقع نيالا في المنطقة الشمالية من ولاية جنوب دارفور التي تتميز من ناحية التضاريس بأرض صخرية تغطيها طبقات من التربة الطينية والرملية وتقع هضبة جبل مرة في الأجزاء الشمالية الغربية منها وتنحدر عدة أودية موسمية من الهضبة تتجه من الشمال نحو الجنوب لتصب في نهر بحر العرب، ويغذي بعضها حوض البقارة. ويشق المدينة من الغرب نحو الشرق وادي برلي الذي يعد واحد من أكبر أودية دارفور حيث تتجمع فيه مياه الأمطار الموسمية التي تهطل في المرتفعات. ومن معالمها الطوبغرافية أيضاً جبل نيالاووادي بليل الذي يقع في غربها.

الاداره والاحياء السكنيه

نيالا محلية من محليات ولاية جنوب دارفور وتتكون من بلدية، وهذه بدورها تتكون من أربع وحدات إدارية تتبع لكل منها عدة أحياء سكنية على رأس كل حي رئيس لجنة شعبية ومنسق لهذه اللجان، وإدارات خدمية مختلفة تشمل التعليم والصحة والطرق وغيرها. والوحدات هي:
  1. وحدة نيالا وسط الإدارية، وتضم أحياء الجمهورية، والسينما، وشم النسيم، والامتداد، والمزاد.
  2. وحدة نيالا شمال الإدارية، وتضم أحياء السلام، ورايق، والكنغو، والدباغة، والخرطوم بالليل، وسكر شتت، وحي الثورة، والسد العالي، والدروة، والحلة الفوق، والرياض، وحي المطار الذي يضم عدداً من مقار وكالات الأمم المتحدة.
  3. وحدة نيالا شرق الإدارية، وتضم الأحياء التي تقع شمال خط السكة الحديدية ومن المحطة إلى الجبل الأخضر وتشمل حي السكة حديد، وحي الجبل، وأحياء مجوك، والمصانع، والتضامن.
  4. وحدة نيالا جنوب الإدارية وتضم أحياء كوريا، وتكساس، والوادي غرب، والوادي شرق.
ومن أشهر المناطق الواقعة بين محليتي الرهيد وعِد الفرسان منطقة بريدية تلك المنطقة السياحية بها بحيرة بريدية والعديد من المناظر الخلابة

النشاط الاقتصادي

 
يعتمد اقتصاد نيالا على الزراعة التي تشكل عماد اقتصادها، وتشمل منتوجاتها الدخن والفول السوداني و الصمغ العربي و الكركدي و العرديب.
كما يعتمد اقتصادها على تجارة الماشية التي تصدّر حية إلي مختلف الأسواق داخل السودان وخارجه، ويوجد مسلخ بمواصفات عالمية اسهم في صادر اللحوم الي دول الجوار خاصة مصر و المملكة العربية السعودية إلى جانب تنشيط تجارة اللحوم.
يتركز القطاع الصناعي على بعض الصناعات الغذائية والجلدية.
توجد عدة قشارات محلية صغيرة وحديثة لإزالة القشرة الخارجية لحبوب الفول السوداني كمرحلة أولى من مراحل تحويل الفول الخام الي مادة نصف مصنعة، ويتم تصدير جزء من هذه الكميات المقشورة إلى الخارج، فيما يتم تصنيع الجزء الآخر محلياً باستخلاص زيت الفول لتغطية الحاجة المحلية، وتُصدّر مخلفات عصر الفول في شكل أعلاف لتغذية الحيوان.
كذلك تمارس المدينة تجارة الحدود مع كل من تشاد وأفريقيا الوسطى. ولكن الأحداث التي شهدتها دارفور أدت إلى تراجع واضح في اقتصاد المدينة.

النقل والمواصلات

 
ترتبط نيالا باعتبارها ملتقى طرق بشبكة من خطوط النقل والمواصلات كالطرق وبرزها:
كما ترتبط المدينة بخط للسكة الحديدية قادماً من مدينة بابنوسة شرقاُ لينطلق منها نحو مدينة واو بدولة جنوب السودان. وكان للخط دوراً أفتصادياً وعسكرياً كبيراً لنقل البضائع والركاب والعتاد إلى الجنوب قبل أن يتراجع دوره لأسباب أمنية وبسبب تطور طرق النقل البري.
للمدينة مطاراً دولياً يعرف باسم مطار نيالا يقع في شرقها ويستقبل مختلف أنواع الطائرات ويقدم خدمات الجوازات والجمارك، ورمزه (HSNN) في المنظمة الدولية للطيران المدني ايكاو و(UYL) في منظمة اتحاد النقل الجوي الدولي الأياتا 

 

التبلديات


السبت، 9 فبراير 2013

النقائض

النقائض


إن أول ظهور لمصطلح (النقض) كان في العصر الأموي، وتحديدا فيما عرف بـ (النقائض)، وهي تلك المعارك الشعرية التي دارت رحاها بين عدد من الشعراء في العصر الاموي، وكانت ريادته في الاخطل وجرير والفرزدق، حيث يكتب الشاعر قصيدة في هجاء خصمه، فيرد الخصم (ناقضا) هذه القصيدة مع التقيد بوزنها وقافيتها، وتتفق (النقائض) مع (القلطة) في عملية نقض ما يقوله الخصم، ولكن الفرق هو ان القلطة تتطلب المباشرة والسرعة في الرد، بينما لا يشترط ذلك في شعر النقائض، والذي يظل اقرب إلى الرديات التي تتم بين الشعراء هذه الأيام، وان كانت النقائض قد تركزت على غرض الهجاء تحديدا في العصر الاموي.



فالنقائض إذن مصطلح أدبي لنمط شعري، نشأ في العصر الأموي بين ثلاثة من فحوله هم: جرير والفرزدق والأخطل. وهذا المعنى مأخوذ في الأصل من نقَض البناء إذا هَدَمَه، قال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا﴾ "النحل: 92". وضدُّ النقض الإبرام، يكون للحبل والعهد. وناقَضَه في الشيء مناقضةً ونِقَاضًا خالفه. والمناقضة في القول أن يتكلم بما يتناقض معناه، وفي الشعر أن ينقض الشاعر ما قال الأول، حيث يأتي بغير ما قال خصمه. والنقيضة هي الاسم المفرد يُجمع على نقائض، وقد اشتهرت في هذا المعنى نقائض الفرزدق وجرير والأخطل، وقد عُرف المعنى المادي الذي يتمثل في نقض البناء أو نقض الحبل أولاً، ثم جاء المعنوي الذي يبدو في نقض العهود والمواثيق، وفي نقض القول، وهو المراد هنا، إذ أصبح الشعر ميدانًا للنقض حتى سُمِّي هذا النوع منه بالنقائض.

معناها الاصطلاحي. هو أن يتجه شاعر إلى آخر بقصيدة هاجيًا، فيعمد الآخر إلى الرد عليه بشعر مثله هاجيًا ملتزمًا البحر والقافية والرَّوِيَّ الذي اختاره الشاعر الأول. ومعنى هذا أنه لابد من وحدة الموضوع؛ فخرًا أو هجاءً أو غيرهما. ولابد من وحدة البحر، فهو الشكل الذي يجمع بين النقيضتين ويجذب إليه الشاعر الثاني بعد أن يختاره الأول. وكذلك لابد من وحدة الرَّوي؛ لأنه النهاية الموسيقية المتكررة للقصيدة الأولى، وكأن الشاعر الثاني يجاري الشاعر الأول في ميدانه وبأسلحته نفسها.

معانيها المقصودة:
الأصل فيها المقابلة والاختلاف؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشاعر الأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفه أو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو مناط النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصره من الأحساب، والأنساب والأيام والمآثر والمثالب. وليست النقائض شعرًا فحسب، بل قد تكون رَجَزًا أو تكون نثرًا كذلك. ولابد أن تتوفَّر فيها وحدة الموضوع وتقابُل المعاني، وأن تتضمن الفخر والهجاء ثم الوعيد أيضًا، وقد تجمع النقائض بين الشعر والنثر في الوقت نفسه.

نشأتها:
نشأت النقائض مع نشأة الشعر، وتطورت معه وإن لم تُسمَّ به مصطلحًا. فقد كانت تسمى حينًا بالمنافرة وأخرى بالملاحاة وما إلى ذلك من أشكال النفار. وكانت في البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزم بعض الفنون العامة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لم تبعد عنها كثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أي فن من الفنون ـ ضعيفة مختلطة، وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروث الشعري، تقدَّم الفن الجدلي وأخذ يستكمل صورته الأخيرة قبيل البعثة، حتى قوي واكتمل واتضحت أركانه وعناصره الفنية. فوصل على يد الفحول من شعراء بني أمية إلى فن مكتمل الملامح تام البناء الفني، اتخذ الصورة النهائية للنقيضة ذات العناصر المحددة التي عرفناها بشكلها التام فيما عُرف بنقائض فحول العصر الأموي وهم جرير والفرزدق والأخطل.

مقوِّماتها:
اعتمدت النقائض في صورتها الكاملة على عناصر أساسية في لغة الشعراء، منها النَّسَب الذي أصبح في بعض الظروف وعند بعض الناس من المغامز التي يُهاجِم بها الشعراء خصومهم حين يتركون أصولهم إلى غيرها، أو يدَّعون نسبًا ليس لهم. وقد كانت المناقضة تتخذ من النسب مادة للتحقير أو التشكيك أو نفي الشاعر عن قومه أو عدّه في رتبة وضيعة، وكذلك كان الفخر بالأنساب وبمكانة الشاعر من قومه وقرابته من أهل الذكر والبأس والمعروف أساسًا، تدور حوله النقائض سلبًا أو إيجابًا. فاعتمد الشعراء المناقضون على مادة النسب وجعلوها إحدى ركائز هجائهم على أعدائهم وفخرهم بأنفسهم. ومن أسباب ذلك أن المجتمع العربي على عصر بني أمية رجع مرة أخرى إلى العصبية القبلية التي كان عصر النبوة قد أحل محلها العصبية الدينية.

ومنها أيضًا أيام العرب التي اعتمدت النقائض عليها في الجاهلية والإسلام، فكان الشعراء يتَّخذون منها موضوعًا للهجاء ويتحاورون فيه، كما صور جزء من النقائض الحياة الاجتماعية أحسن تصوير، ووصف ماجرت عليه أوضاع الناس، ومنها العادات المرعية والأعراف والتقاليد التي يحافظ عليها العربي أشد المحافظة. فكانت السيادة والنجدة والكرم، وكان الحلم والوفاء والحزم من الفضائل التي يتجاذبها المتناقضون، فيدعي الشاعر لنفسه ولقومه الفضل في ذلك. وقد أصبحت النقائض سجلاً أُحصيت فيه أيام العرب ومآثرها وعاداتها وتقاليدها في الجاهلية وفي الإسلام.